Prof Photo

Prof Photo

اول ما تدخل اذكر الله

"الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"

الخميس، 20 مارس 2014

مجرد أنثى





أتذكرني قبل عامين عندما كنت تلك الفتاة الجميلة ذات الخلق الحسن والخجولة - كالقطة المغمضة كما يقولون.
أنهيت دراستي الجامعية و اصبحت طبيبة دون أن يكون لي علاقة مع اي زميل و لم أتورط في علاقة حب كما كنت أُحب تسميتها, و كلما كان يتقدم لي شاب أثناء دراستي وتكليفي كنت ارفض فورا و لا أعلم سبب رفضي السريع.
أتذكر جيدا هذا اليوم حينما جاءت صديقة والدتي لتخبرنا عن أحد أقاربها من بعيد و هو شاب ثري يرغب في الزواج وأنها "مستخسراه " على حد وصفها و تريد أن تحضره لبيتنا لأراه ونتعارف, و لا أدري يومها لماذا وافقت, ربما بسبب خشية أبي و أمي عليّ حتى لا يفوتني القطار كما يقولون و ابتزازهم العاطفي الذي طالما مارساه عليّ بحكم أنني ابنتهما الوحيدة أو أسئلة الاهل والأصدقاء هذا السؤال التقليدي " مش حنفرح بيكي قريب؟ " أو ربما لسبب أخر و لكني أعلم ان هذا كان قدري المكتوب.

لن أُحدثكم كثيرا عن جلسة التعارف تلك و لكني سأقول لكم أنني فقط كنت منبهرة به, فهو ذكي و عنده حضور ويتحدث كلمات انجليزية و فرنسية كثيرة وسط الكلام ما جعلني أظن أن هذا تعود وليس اصطناع وظننت أنه شخص متعلم تعليم راقي ومثقف.

أما ما لفت انتباه اسرتي فهو ثراء اسرته وعمله في شركة أجنبية وتلك الامور المادية التي تحدث عنها مثل شقته في هذا الحي الراقي و التي مساحتها مائتان وخمسون متر مربع و مجهزة تجهيز كامل لا ينقصها شيء و سيارته الفارهة وأنه سيحضر لي سيارة خاصة بي بعد الزواج, و...... وتمت الخطبة سريعا و لم تطول مدتها لأكثر من ستة أشهر والآن أتذكر أنني لم أتعرف عليه جيدا خلالها.
.........................

أتذكرني يوم الزفاف و أنا إلى جواره في " الكوشة " مرتدية ذلك الفستان الابيض الذي أحضره لي من باريس و الحفل الكبير في تلك القاعة الفخمة في ذلك الفندق الشهير ذي الخمس نجوم, و اتذكر جيدا كيف كان دائم الضحك بصورة غريبة ولكني لم أُلقي بالا و ظننته فقط سعيدا بزواجنا.



و بعد انتهاء الفرح صعدنا الى الجناح الذي حجزه لنا والده  في نفس الفندق لنقضي ليلتنا قبل أن نسافر في الغد لقضاء شهر العسل في ماليزيا.
دخلت غرفة النوم لأُبدل ملابسي و عندما خرجت لأخبره أن يتوضأ حتى نصلي ركعتين سويا كانت أولى صدماتي!!
أتذكر تلك اللحظة جيدا وكيف تصلبت في مكاني عندما شاهدته يتعاطى هذا المسحوق الابيض المسمى " هيروين " فتوقف الكلام في حلقي و لكنه اسرع إليّ مرتبكاً وقال لي انها هدية من أصدقائه الذين أخبروه أنها شيء مفيد في تلك الليلة تحديدا.... لا اتذكر الحوار الذي دار بيننا بعدها لأنني كنت في قمة الصدمة و الانفعال و تركته و قضيت ليلتي جالسة في شرفة الجناح حتى غلبني النوم.

في الصباح استيقظت على شيء بارد يمس جبهتي و ما كان ذلك الا ملمس شفتيه وهو يقبلني في رأسي ويعدني أنه لن يفعلها مرة أخرى فابتسمت له وقمت معه الى الداخل ثم طلب مني ألا أُخبر أحدا بما حدث..

ويا ليتني لم أُصدقه .. ليتني كنت الطبيبة وقتها لا الأنثى التي تريد أن تفرح و التي خشيت من حديث الناس ويا ليتني طالبته بأن يقوم بالفحوصات الطبية اللازمة لأتأكد انه ليس مدمنا, يا ليتني................

أتذكر تلك الرحلة الرائعة إلى ماليزيا و تلك المشاهد الخلابة و المناظر الطبيعية و تلك الاحياء المائية المذهلة التي شاهدناها في رحلة الغطس التي قمنا بها, فقد كان شهر عسل مذهل بكل المقاييس , ولكن كيف لم الاحظ عليه شيء ..
نعم كان يتعاطى المخدر و لكن كان يفعلها في الخارج عندما  كان يستيقظ مبكرا بحجة أنه يريد ان يمارس الرياضة على شاطئ البحر ثم يعود وقت الضحى بعدما يتناول كوب القهوة في كافيتيريا الفندق.

لم ألاحظ ربما لإنه لم يكن منتشي كالمدمنين الذين نشاهدهم في الافلام أو الذين شاهدتهم في مشفى الطب النفسي وكانت حالتهم متقدمة أو ربما سعادتي هي التي أغمت عيني عن ذلك...

أتذكر جيدا هذا اليوم الذي أكتشفت فيه أنه مدمن حقيقي بعد مرور بضعة أشهر فقط على زواجنا, عندما عاد الى المنزل منتشيا و أثر المخدر على أنفه .... و كيف عنفته بشدة لأنه خدعني و كيف صفعني على وجهي و قال لي  "أيوه أنا بتعاطى ومدمن من قبل ما نتجوز بوقت طويل".......
 تركت المنزل مسرعة دون أن ابدل ملابسي حتى والعجيب أنه لم يحاول منعي أو يأتي خلفي.

ذهبت الى بيت أهلي و أنا في حالة يُرثَى لها و لم أستطع أن أنبس ببنت شفا, فتركني والداي لأهدأ وأنام ومن فرط الارهاق النفسي نمت. عندما استيقظت أخبرتهم بكل شيء بدءاً من ليلة الزفاف, استشاط أبي غضبا وأراد أن يذهب إليه و لكن والدتي خشيت عليه أن يؤذيه ومنعته, ثم اتصل أبي بوالده و طلب منه الحضور و في خلال ساعة حضر والده و هو غاضب أيضا و أخبرنا أنه لم يكن يعلم ان ابنه وصل الى درجة الادمان, أينعم اكتشف مرة ان ابنه تعاطى هذا المخدر ولكنه نهره و عنفه حتى وعده الابن انه لن يكررها, لكن الأب ظن أن العزوبية هي السبب وأن الزواج سوف يغيره لذلك سارع بتزويجه.

لا أنكر أنني أحببته و تعلقت به و لذلك وافقت أن أعود له و لكن بعدما يدخل مصحة و يتعافى من هذا الادمان و فعلا دخل المصحة و بعد شهور قليلة خرج متعافيا و بالرغم من الأثار التي تركها الادمان على أنفه و عينيه لكنه كان في قمة حيويته و رأيت بنفسي نتائج التحاليل و الفحوصات النهائية في تلك المصحة.

أتذكرني في تلك الليلة الأخيرة و قبل مرور شهر على عودتنا لبعض و كيف حضرت هذا العشاء الرومانسي و اتصلت به ليحضر شموع ملونة ليكون عشاء على ضوء الشموع كما في الأفلام, وعندما عاد من الخارج دخل مباشرة الى الحمام ليأخذ دش ساخن, ثم تذكرت الشمع و هو مازال في الداخل فسألته عنه, أخبرني أنه نسيه في السيارة فلم أنتظر خروجه و أسرعت الى مفاتيح السيارة و ذهبت لأُحضر الشمع.

أخذت علبة الشمع من على الكرسي الذي بجوار السائق و لكن شيئا ما بداخلي جعلني أفتح درج القفازات " درج التابلوه " و أفتش فيه لأجد ما لم أكُن أتوقع أبدا, عبوة صغيرة بها حبوب مخدرة !!!!!!!

هذه المرة لم أُواجهه و لم أصعد حتى بل ذهبت بسيارته إلى بيت أبي و عندما فتح الباب أريته عبوة المخدر و قلت فورا بنبرة حازمة حاسمة اتصل بوالده ليحضره فورا و يحضرا معهما المأذون و هذا قراري الذي لا رجعة فيه.

علمت بعد ذلك أنه كان يتعاطى تلك الحبوب في المصحة التي يديرها طبيب منعدم الضمير و كان يبيعها له ولأبناء الاثرياء بمبالغ كبيرة ويزور لهم نتائج التحاليل والتقارير الطبية ....

أصبحت مطلقة و أنا في السادسة و العشرين من عمري و لكن هذا أفضل من توابع الادمان و يمكنني أن أتخيل ماذا كان سيحدث لو ظللت زوجته.

ليتني كنت طبيبة ليلة الزفاف لا مجرد أُنثى....


هناك 6 تعليقات:

  1. البداية السعيدة (وغوشيشتنى)
    فقد عودتنى (الحياه) انها لا تعطى الخير
    الوفير كثيرا بل تعطى ملمحا فقط ثم تكشر
    عن وجهها الحقيقى !!

    ردحذف
    الردود
    1. دائما البدايات ما تكون سعيدة
      ولكن النهايات تتوقف علينا ولعل نهاية قصتنا تكون سعيدة و تجد بطلتنا من يعوضها خيرا :)

      حذف
  2. القصه جميله جدا
    وللاسف هى فصلت بين طبيعتها الانثويه ومهنتها الطبيه
    وهى كمان انسانه جدا وفى المره الاولى حبت انها تعطيله فرصه تانيه وتسيبه يتعالج فى المصحه لكن للاسف خدعها
    بصراحه صعب على اى واحد مدمن انه يترك الادمان الا لو عنده اراده قويه ومن داخله يريد حقا ان يترك هذا الشىء الحقير القذر
    كويس كمان انها مخلفتش منه اطفال
    اى نعم الطلاق بيكون خساره لكن هى لو كانت كملت حياتها معاه بالمنظر ده وخلفت منه هتبقى فعلا خسرت عمرها وحياتها وسعادتها واولادها
    تحياتى لك
    تسلم ايدك على القصه الجميله وننتظر المزيد

    ردحذف
    الردود
    1. ما شاء الله تعليقك استخلص كل نقاط القصة المحورية كلها ، و عندما اخبرني صديق بأن القصة مختصرة بعض الشيء اخبرته ان هذا متعمد لاترك المساحة لمخيلة القارئ :)

      اسعدني تعليقك و شكرا لتشجيعك الذي حمسني لاعيد صياغة القصة و أنهيها :)
      ^_^

      حذف
  3. العنوان معبر قوى. ....، مآساه ، يارب احفظ الناس كلهم يارب ..

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم أمين .... المدونة نورت يا دكتورة :D
      ما اوحی لي بتلك القصة هو مشاهدتي لتلك المآسي من خلال عملي حيث أنني صادفت في اسبوع واحد فتاتين احداهما في الثانية و العشرين و الاخری في التاسعة عشر و كلتاهما مطلقات و الغريب ان احداهما جامعية ثرية و الاخری غير متعلمة فقيرة ....
      ربنا يحفظنا من تلك المآسي اللهم امين

      حذف

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ